ظلام الخوف .. وفجر الأمل

ظلام الخوف .. وفجر الأمل

فكَّر معي فيما يلي: ماذا لو يوم واحد فقط، عشت فيه عالم أحلامك؟ أغمض عينيك وتخيل عالمك. تخيل التفاصيل، وتخيّل كل لحظة فيه، وكل ما يجعلك سعيدًا مسرورًا في العالم.

يمكنك الآن العودة إلى الحاضر وأنت تحمل بين طيّاتك حلمك السابق. تخيَّل الخطوات التي ينبغي أن تحقق أحلامك على أرض الواقع. مجرد خطوات صغيرة؛ وستجد نفسك أنجزت شيئًا أفضل مما تتخيل.

تذكَّر: لتحقيق آمالك الكبيرة، عليك أن تبدأ تدريجيًّا، والسبب؟ حتى تستفيد من كل ما حولك من معطيات مَنَحَهَا الله تعالى إيَّاك. دائمًا المعطيات صغيرة وتتطلَّب خطوات صغيرة، لكنها في الوقت نفسه، معطيات كثيرة. وتذكَّر أيضًا أنك لن تبدو مِثاليًّا من الوهلة الأولى، مهما حاولت. لكن أعود لأكرر، الفرصة كبيرة، ومعطياتك كثيرة، وبإمكانك تحقيق هذا التغيير.

يقول الله تعالى: أنا عند ظن عبدي وأنا معه حين يذكرني، فإن ذكرني في نفسه ذكرته في نفسي، وإن ذكرني في ملإ ذكرته في ملإ خير منه، وإن اقترب إلي شبرًا تقربت إليه ذراعًا، وإن اقترب إلي ذراعًا اقتربت إليه باعًا، وإن أتاني يمشي أتيته هرولة

إلى الآن الدنيا ورديَّة. لكن هناك من لا يرغب في أن تعيش سعيدًا! بل يمكنك القول إنه عدوَّك الأكبر: هي نفسك. هناك مقولة قديمة تقول “عدوّك الأكبر قابع في داخلك”، لذلك لا أستطيع أن أضمن لك وجود من يستطيع قتاله بجانبك سواك. لكن دعني أعرّفك على عدوّك بصورةٍ أوضح.

عندما ترغب في أداء أمر ما، مثل أنك تريد أن تكتب كتابًا، أو الانتهاء من مهامك اليومية، أو بدء مشروعك التجاري، والكثير من الأمور التي ترغب في القيام بها، لكنك لا تقم بذلك. لماذا؟ لأنك ببساطة.. خائف!

الخوف…

نعم، خائف! خائف من الفشل، الفشل في مجتمعنا تتمثَّل صورته في احتقار الآخرين لك. تخاف أن ترتكب أخطاءً أليس كذلك؟ تخاف ألا تقوم بما يتوجَّب عليك فعله لئلَّا يبدو كما ينبغي. كما أخبرتك من قبل، لن تكون مثاليًا من الوهلة الأولى. لكن تحررك من ظلام الخوف أفضل ألف مرة من أن تبدو مثاليًا، هل تعرف السبب؟

لأنَّه لا يوجد في هذه الحياة ما هو أفضل من قضاء الوقت في أعمال ومهام رائعة، حتى لو كان منها ما هو ترفيهي. يأتيك خوفك ليناديك من أعماقك “انتظر!… إنه ليس الوقت المناسب كي تفعل ما تريد“. وبالتالي، لن يدركك هذا الوقت المناسب أبدًا بهذه الطريقة.

إن استمعت لهذا الصوت ستتوقف عن النموّ، لا أعني عُمْرَك، وإنَّمَا قيمتك في هذه الدنيا، ستتوقف لتصبح بلا قيمة. ليس هذا فحسب، بل ولن ترضى عن وضعك الحالي أيضًا. لن يعجبك أي شيء، إلى أن تكره نفسك.

الخوف يؤدي إلى انتحارك!

عند التوقف عن مطاردة أحلامك وترويضها لتحقيقها على أرض الواقع، أنت في حقيقة الأمر قد انتحرت! متى ستدرك أن لديك الموهبة والقدرة للتغيير؟

سأخبرك أكثر عن نفسك، اعلم أن لديك قدرات نادرًا ما تحتاج إليها، لكنك في أمسِّ الحاجة إليها!! لا أضرب لك الألغاز هنا، لكن حتى تدرك حقيقة قدراتك، تذكر المواقف العصيبة التي مرَّت بك، كيف تجاوزتها بعد أن وفَّقَك الله عز وجل وأعانك عليها؟ هذا هو أنت.

حقائق يحجبها الخوف عنك

واعلم أنك لن تحصل على ما تريد إلا في حالة واحدة، وهي ترك ما آل إليه حالك الآن. فكَّر في ذلك: متى كانت آخر مرة تعرضت لتحدِّي حقيقي فاق كل ما قمت به من قبل؟ متى كانت آخر مرة شعرت أن الحياة ليس لها طعمًا ولا لون؟

هل تظن أن الناس سينقذونك من عدوَّك الكامن في داخلك؟ سأشير لك بأصبعي مبتسمًا ومكررًا “صدقني، لن يحدث ذلك”. إذا لم تقم بدورك في هذه المرحلة وأخبرت نفسك أن مكانها الصحيح ليس في جنح ظلام الخوف والقلق الحالك؛ لا ترم بالخطأ بعد ذلك على الآخرين، بل لن تجد من يُضَحِّي من أجلك ليخرجك من هذه المنطقة المخيفة.

علاج الخوف

أكتب لك هذا المقال محفِّزًا نفسي وإياك لدفع أحلامنا من الافتراضية إلى أرض الواقع؛ لأني إن لم أقم بذلك سأبدو مجرد معول لبناء أحلام الآخرين فقط.

فكَّر معي في وقتك الضائع، وتأكد أنك لن تنجح في يومٍ من الأيام حتى تغيِّرَ نقاط ضعفك إلى نقاط قوة. إياك أن تهرب من مخاوفك، وإنما عليك أن تتحدَّاها.

“وَمَنْ أَعْرَضَ عَنْ ذِكْرِي فَإِنَّ لَهُ مَعِيشَةً ضَنكًا”. [طه: 124]

شجَّع نفسك للمُضِيّ قدمًا خطوة تلو الخطوة، واسْعَ وراء حلمك حتى النهاية، كلما ظهر شبحًا تخلَّص منه بعزيمة الإيمان والصدق مع الله؛ فَمَنْ دونه سبحانه ينصرك على عدوِّك الأكبر؟ وعندما تشعر بلذَّة النصر، كلما بدا لك ضَعْفَك وكأنه أضغاث أحلام وذكريات من الماضي.

تذكَّر، أنك لست بحاجةٍ إلى جهدٍ كبيرٍ للعيش في الدنيا، ولكن كي تحياها، هذا هو التحدي الحقيقي الذي ينتظرك. انْسَ الماضي. وركِّز على اليوم الذي هو لبنات مستقبلك. مهم أن تعرف أن هناك 86400 ثانية في اليوم الواحد، والأهم هي طريقتك في استغلالها. لديك الفرصة، وإن صح القول هي فرص عديدة، وجميعها بانتظارك.

أنت أقوى من كل ذلك

ابدأ في تغيير حياتك، واستخدم كل الفرص التي منحك الله إياها، وأعدك، أنك عندما تنتهي من مهمتك؛ سيكون لديك قصة جميلة في هذا العالم، قصة أمل تمنحها لغيرك تعينه على الخروج من وادي الخوف. قصة تحكي عباراتها عن عزيمة لا تنفطر، وثقة لا تنقطع. قصة كانت بدايتها “إِنَّ اللَّهَ لا يُغَيِّرُ مَا بِقَوْمٍ حَتَّى يُغَيِّرُوا مَا بِأَنفُسِهِمْ“. [الرعد: 11]، وخاتمتها “طُوبَىٰ لَهُمْ وَحُسْنُ مَآبٍ“. [الرعد: 29]

مُوَفَّق بإذن الله.

Posted by تامر عمران

رائد أعمال، وصانع محتوى مع خبرة تزيد عن تسع سنوات في مجال صناعة المحتوى والكتابة الإبداعية. أخصائي تسويق إلكتروني وتحسين محركات البحث مع خبرة أكثر من سبع سنوات.

Reader interactions

One Reply to “ظلام الخوف .. وفجر الأمل”

  1. نعم الخوف عدونا الأكبروالهروب من الواقع عدو ثان وجهلنا بإمكانتنا كذلك
    وتحميل المسؤولية عن أخطائنا لغيرنا …
    كل هذه الأسباب سببها الرئيس هو قتل الإرادة في نفس الطفل منذ الصغر
    والربية على القهر وقتل إرادة التفكير ووأد الإبداع في المهد

اترك تعليقاً