إذا كنت لا تعرف إلى أين تذهب…
أنشأ الكاتب لويس كارول شخصية القط “شيشاير” في قصة “أليس في بلاد العجائب”، واحتاج لبداية ظهوره إلى الاعتماد على الحوار الكلامي بين اثنين، هذا الحوار هو ما جعل تلك الشخصية تعجبني. وبالمُناسبة، تحدثت العديد من المقالات الأجنبية والعربية عن ذلك الحوار القصير وعلاقته بتطوير الذات، وخطط العمل، ووجدت أن هذا الحوار له علاقة بأمورٍ أخرى في عالم الأعمال. وإليكم نصّه:
كانت تبكي أليس بغزارةٍ على مفترق طرق، وعندها ظهر قط من العدمِ على فرعِ شجرة، وسألها:
– لماذا تبكين أيتها الفتاة الجميلة؟
ظلَّت تبحث عن مصدر الصوت وقالت:
– من فضلك، هل من الممكن أن تدلّني على الطريق الذي ينبغي عليّ أن أسلُكَه للخروجِ من هنا؟
قال شيشاير بدون تردد، أو تفكير، وبمُنتَهَى الوُضُوح:
– ذلك يعتمد كثيرًا على المكان الذي ترغبين في الذهاب إليه.
أجابت أليس على الفور:
– المكان لا يهم كثيرًا…
عاد القط يجيب بحكمة:
– إذًا، لا يهم أي طريق ستسلكين.
تستطرد أليس:
– … طالما سأصل إلى مكانٍ ما.
أنهى القط حواره وقال:
– أوه، نعم، بالتأكيد ستصلين إلى مكانٍ ما – وأكمل مع ابتسامةٍ ساخرة – فقط إذا مشيت بما يكفي لذلك.
لنبدأ في تحليل النص، ما الذي بإمكاننا أن نتعلَّمَه من هذا الحوار في عالم الأعمال؟ ما تعلَّمته، أن عدم وجود أهداف واضحة هي أحد المشاكل الأكثر شيوعًا في عالم ريادة الأعمال. ففي اليوم الواحد تجد أن عددًا من القرارات من الواجب عليك اتخاذها، مثل التنقُّل للعمل، وتحليل السوق، وإجراء المكالمات الهامة، وإبقاء النظر على المنافسين، ورصد الموردين، وتدريب الموظفين، والاجتماعات، و… يا للعَجَب! هل كل ذلك له مردود ويؤتي ثماره حقًّا؟
هناك العديد من الأسباب تؤدي إلى فشل الناس في تحديد أهدافها.
أهم تلك الأسباب هي عدم تطوير عادة مذهلة واستخدامها على النحو الإيجابي والمطلوب، ولا تتفاجئ عندما أخبرك، بأنها عادة الخوف. نعم، إذا خفت وشعرت بالقلق بأنك لن تنجح في أمرٍ ما؛ فهناك فرصة جيدة بأن لا تمتلك الشجاعة الكافية لكتابته من الأساس في قائمة أهدافك اليومية. والتفكير من هذا المنطلق سيحتاج منك أن تعيد التفكير أولًا في تحديد أهدافك الشخصية، ثم بعد ذلك التفكير في أهدافك التجارية، وأهداف مشروعك.
تحديد الأهداف كخطوة لن تحقق لك المُعجزات، كلا: الحقيقة هي أن تحديدها لا يضمن لك تحقيقها أو الوصول إلى ما تريد. إلا أن تحديد هدف بمثابة الدليل الذي يرشدك خلال الطريق ليجعله أكثر وضوحًا لك، مع مزيدٍ من التركيز على التفاصيل. وهذا يساعدنا كثيرًا للتوصل إلى قرار بطريقة أكثر سهولة عن ذي قبل؛ لأنك ستعرف من خلاله هل قرارك يتعلَّق بما تريد أم لا.
حلِّل المخاطر بطريقةٍ أكثر منطقية؛ لأن ذلك سيمنحك المزيد من الشجاعة للعمل حتى وإن كان في وقتٍ متأخر من الليل، مع الاستمتاع والرغبة في مواصلة المواجهة مع الأنواع المختلفة من العقبات؛ لأنه سيضع معنى واتجاه لرحلتك في عالم الأعمال والمشاريع. والأكثر من ذلك: أن تحديد الأهداف يزيد من ثقتك بالنجاح – إن شاء الله تعالى -. انظروا إلى أي مدى الأمر شيِّق.
بالنسبة إلى المكان الذي ترغب في الذهاب إليه. إذا كانت لديك القدرة للعمل في وقتٍ متأخر، مع مزيدٍ من الشجاعة لإنقاذ وقتك وتحميه من الأشكال المختلفة والمتنوعة للعقبات التي تظهر أمامك، فإن هذا سيضع تعريفًا واتجاهًا لمسيرتك في الحياة. وعليك الشعور بالسعادة إذا علمت أن تحديد الأهداف – وهي النقطة الأولى – يزيد من قدْرِ شجاعتك! فانتبه لترابط الأمور ببعضها.
ترك مصيرك أو مصير مشروعك لمهبّ الريح؛ سترسلك إلى أسوأ الأماكن. رجاءً فكِّر بعناية فيما تريد أولًا! ولاحظ ما نبَّه إليه “شيشاير”، عندما قال لأليس بكل وضوح إنها إذا مَشَت كثيرًا؛ ستصل بالتأكيد إلى مكانٍ ما. هل تدري ما الذي يعنيه ذلك؟ في كل يومٍ تعيشه، سواء في حياتك، أو خلال نشاطك التجاري؛ ستحظى بيومٍ حافل تتنقَّل فيه مِنْ مكانٍ إلى آخر، إذا انتقلت من هنا لهناك دون أن تدرِ أين وجهتك بالتحديد، وأين تريد أن تصل، وأين تريد أن تكون؛ ستصبح مثل العديد من البشر في هذه الحياة، يمضي في حياته لمجرَّد المشي فقط، وربما يتَّبِع غيره دون دراية منه إلى أن سيقوده هؤلاء أو هؤلاء.
طالما أنك استوعبت ما سبق؛ ستعرف أن تحديدك للهدف يعتمد على كونه يستحق العناء أم لا، إن استحقَّ أن تبذُلَ جهدك لتحقيقه؛ فهذا هو مكانك الحقيقي الذي يجب أن تصل إليه. وعندما تصل؛ لا تنسَ أن تطوِّرَ أسلوبك في تقييم حياتك وعملك.